قصة ديما دهني

حرية التعبير
article-image

رح شارك قصة أخد معي تسعة أشهر من المرض والضعف وعدم القدرة على الحركة والنوم لأيام، ولغاية اللحظة لسه تمامًا ما فهمتها، مع أنها قصتي... 

 

بس في البداية، انا اسمي ديما دهني، باحثة سياسية، ومعطاءة لآخر حد بقدر عليه في النشاط المدني والعمل التطوعي، كانت حياتي خلال السنوات العشرة الماضية مكرسة لسوريا وفقط، لوصلت للدرجة يلي أهملت فيها احتياجاتي الشخصية كإنسانة من حقها تفرح وتحب وتعمل نشاطاتها الشخصية المفضلة، لأني الجزء الخاص بهويتي السورية دائما اكبر مني، أوسع من احلامي، وأهم اهدافي... 

 

اشتغلت من قلبي بالمجال البحثي، وأغرقت فيه، وخلال عملي درست وحصلت على دبلوم في العلوم السياسية، وبديت طور من مهاراتي سنة عن سنة واستثمر فيها بنضالي المدني... 

 

عم اذكر هالشي، مو بهدف التعريف عن حالي، لأني لسه مالي قادرة أعرف عن حالي، من جوا أنا صورة ممزقة، ضبابية، متل اللوحة كل مابقدر بلون فيها شقفة جديدة..

عم اذكر هالشي لأني أنا اخترت هيك يكون شكل حياتي، وما حسبت حساب لأي حدث ممكن يسمحلي يكون عندي وقت فراغ افكر فيه بحالي، لغاية ما ابتلى العالم بڤيروس كورونا. 

 

وهون فعليًا خف النشاط المدني، قعدنا بالبيوت، مع كتلة كبيرة من الهموم يلي ما كان عندنا الوقت نفكر فيها او بالأحرى ندرك إننا كنا حاملينا معنا... 

يوم عن يوم، صرت اتعب، حس بخنقة، وصرت أشعر أني عندي حاجة ملحة للتواصل مع طبيب نفسي... 

ولأني بدعي إني واعية كفاية لأهمية هالتواصل، ما ترددت للحظة بأني اطلب المساعدة النفسية... 

وفعلًا تواصلت مع مختص، وبدينا نعمل جلسة كل اسبوع، ومع الوقت صارو جلستين، وصارت تزيد عدد الساعات... 

لأشهر، ما كنت مستوعبة تمامًا كيف عم تكون الجلسات، وصرت حس حالي مسلوبة القرار، صعب علي التفكير، وكل شي بحياتي معلق... 

لغاية ماصار في استعراض طيران حربي بولاية غازي عنتاب، ولأني ما كنت بعرف قبل بوقت، تفاجئت، خفت كتير، تذكرت القصف بسوريا، طلعت براسي كل الصور، وقعدت بزاوية الغرفة عم ابكي وجسمي عم يرجف... 

كان عندي بعد بساعة جلسة مع المختص، وفعلًا عملت الجلسة يلي كانت متل الكف يلي نزل على وجهي، تعامل مع مشاعري بإستعلاء وتكبر، سمح لمشاعرو الشخصية تجاهي تكون أكبر من أخلاقه ومهنيته ورسالته كمختص نفسي، وانا ب هاد اليوم وعيت أني أكيد الجلسات فيها شي مو صحي لحتى عم ضل مضغوطة ومتدايقة.... 

تواصلت مع ناس كتير مختصة وشرحت الحالة، والكل أكدلي أني انتهك اخلاقيات المهنة بناء على التفاصيل يلي ذكرتها... 

هون شعرت اني لازم أحمي حالي، وطلبت إيقاف الجلسات... 

وبلشت صحتي النفسية تصير سيئة! 

لغاية ما تواصلت مع طبيب آخر، وبعد شرح ونقاش مطول، تشخصت حالتي بالإكتئاب! 

 

انا هون وقفت للحظة 

أو يمكن حسيت العالم وقف للحظة... 

ما قدرت أتقبل، خفت من الادوية، مابعرف شو يعني حدا يكون عم يحارب إكتئاب... 

وقعدت أخبر الناس يلي بمحيطي 

وانقسمو لناس داعمة ومتفهمة 

وناس سمعت منهن جمل متل: 

انا ما بتخيل حالي عم آخد دوا اكتئاب هي الفكرة بحد ذاتها بتعملي اكتئاب! 

انتبهي على حالك ما تروحي حالك ومستقبلك! 

ادعي أكيد انتي بعيدة عن الدعاء حتى هيك صار معك! 

ووو كتير من الجمل يلي صعب علي لسه اكتبها، بس عالاكيد بسامح الاشخاص يلي قالولها لأني ما بيعرفو شو يعني مريض إكتئاب.... 

وبديت رحلتي بالعلاج والتعافي لغاية ما وصلت لمرحلة بديت استعيد فيها توازني، وقدرتي على التواصل، ورغبتي في الحياة، وكتير تفاصيل بسيطة كنت ناسيتها خلال الرحلة... 

وهون قررت أني أنا ك سيدة سورية، دائما بشجع النساء لما بيكون عندهن الفرصة والحماية أني ياخدو حقهن... 

يعلوا صوتهن، ما يخافوا من الوقفة بوجه المجتمع، تذكرت كل شي حكيته للسيدات المناضلات يلي كنت سعيدة الحظ والتقيت فيهن أثناء تواجدي في ساحة النضال المجتمعي... 

وقررت أني ما خاف، وعلي صوتي، وأقول أني بحاجة لأني آخد حقي،، وأني من واجبي أحمي غيري من السيدات يلي ممكن يتواصلو معه ويكون سبب في اذيتهن.... 

ما اهتميت لشو بدو يقول عني المجتمع! 

ولا خفت من وصمة مرض الإكتئاب! 

وقلت، حتى بأضعف حالاتي لازم اعمل شي لآخد حقي وحق نساء أخريات ممكن يكون استغل مهنته لأذيتهم... 

لهيك تواصلت مع المنظمة، وحكيت كل شي صار، وهلق هذا الطبيب موقف عن العمل بسبب الشكوى يلي قدمتها...

بهي اللحظة تشكرت حالي لأني ما اهتميت لكلمات جارحة، لنقص معرفة محيطي بتدهور الصحة النفسية، ما خفت، وحسيت بغبطة بقلبي من شدة السعادة... 

مافي شعور أجمل من أني نكسر خوف وقيد 

ولا يمكن يكون في شعور أجمل من الانتصار بالحق... 

واليوم أنا ، مكملة برحلتي الخاصة بالاستشفاء وعم شارك بهي المبادرة كخطوة أولى من خطوات التعافي يلي بديت امشيها... 

 

عم شارك قصتي لاني نحن النساء مليئات بالمشاعر 

ونحن معطاءات، ودائماً الآخر عندنا أولوية عن أنفسنا، عم شارك قصتي لأني من مسؤوليتي قول لكل النساء يلي بدهن يقرو هي القصة أني صحتكم النفسية مهمة، لا تخافوا، لا تخجلوا، هي جزء من اكتشاف الذات، بس تأكدو أني الأشخاص يلي عم تشرف على حالتكن عندهن ضمير.... 

عم شارك لأني ما خفت قول لأ مابدي أهتم بصحتي النفسية من شان ما انوصم مجتمعياً بكلمات مؤذية وجارحة، وعم شارك أكيد لأقول أنا فخورة بهي الرحلة، بحلوها ومرارتها، لأني هي يلي عم تعرفني عن حالي بشكل واعي..

 

التعليقات

لا يوجد تعليقات، كن أول من يعلق

اقرأ أيضًا

© 2024 - جميع الحقوق محفوظة لصالح منصة ساي